20 سبتمبر 2013
كانت السماوات ترسل شواظا من لهب في احدي عتامير الشرق ونحن ركوبا علي ظهر عربة بائسة تتبع للمستشفي نقطع المسافات ,ونحن فاقدي الرغبة في السفر. كان عددنا يقارب الثلاثين. ما بين طبيب و اداري و فنيين تحصين ومساعدين وممرضين وطباخين..كانت الرحلة قد بدأت قبل اكثر من اسبوع وقد نال منا التعب مبلغه..كنا نقف علي نواصي القري و اطراف البلدات وعلي قرب تجمعات المناطق المأهولة لكي نقدم (خدمات طبية مجانية) لأنسان شرق السودان.تحركنا من كسلا وتطوفنا علي (ود شريفي عند معسكر اللاجئين)..(ووقر) و (عواض) و (أروما )..وحتي (همشكوريب)..كانت الايام ايام مسغبة وفاقة وجوع..كان الزرع قد جف و كأنما غضبة الهية غشيت الأمكنة..والضرع قد جف في حلمات البهائم و اصبحت الحياة قطعة من الجحيم..لا بد أن الخيال السوداني قد نضب معينه في تلك السنوات..ننزل الي القرية فتنصب لنا خيمتين عظيمتين في دقائق..وننزل معداتنا ونبدأ العمل..نطيب خاطر المرضي بكلمات فاضلات اكثر من علاجات علمية تتناقص كمياتها يوما بعد أخر.ويبدأ فنيي المعامل في أخد عينات من دم المرضي لفحص الملاريا و الالتهابات..ويحقن الممرضين المرضي (ببنسلين مائي) و (كلوروكوين ) ..وتصرف لهم (الاستربتو) و (السيازينا) و(فيتامين) لمعالجة السل الرئوي المنتشر..تصرف للاطفال جرعات التطعيم من (شلل الاطفال) فور وصولهم..وكان مندوب احد المنظمات يصرف لهم مطهرات للتخلص من القمل..ويقوم المساعد الطبي ومحضري العملية بعمليات الختان للاطفال من عمر ثلاثة وحتي ثمانية.. وكان الاطفال المفزوعين يقفون صفوفا هؤلاء المساكين وتجحظ اعينهم في انتظار دورهم.وكنت اخلع لهم اسنان مخلخلة الجدور من سوء التغدية...كانت قليلة تلك الايام التي استضافنا فيها بيت..فقد كنا ننزل في المساجد غالبا و ندخل اسرتنا داخله و ننام..اكثر من شهر تطوفنا فيه تلك الفيافي ..وتعاملنا مع انسان الشرق البائس المهضوم الحقوق ربما مند الازل.
عملي بمستشفي كسلا لم تبق من دكراه الا لمحات مثل التي سجلت..وكان معطم الاطباء يخشي الخروج من (كسلا) الي الاقاليم غاية الخشية . كانت اروما بالنسبة لهم هي الجحيم الفاغر الفم اما (همشكوريب ) فقد تفنن احد زملائنا عندما جاء منها في اجازة في وصفها بانها ليست همشكوريب بل: (هم) و (شك) و (ريب)..فلله در اهلها وساكنيها..
أواه يا ارض شرقنا المصابرة. يا ارض اوشيك و اونور وارض الابل وارض (الرشايدة)..لم تكتحل عيناي برؤيتك مند حقبة التمانينيات..و لا ادري متي اجد فسحة من الزمان لاعاود حنيني اليك.ولكن ادا دكر عاشقيك في الدنيا فاحسبيني منهم.
كانت السماوات ترسل شواظا من لهب في احدي عتامير الشرق ونحن ركوبا علي ظهر عربة بائسة تتبع للمستشفي نقطع المسافات ,ونحن فاقدي الرغبة في السفر. كان عددنا يقارب الثلاثين. ما بين طبيب و اداري و فنيين تحصين ومساعدين وممرضين وطباخين..كانت الرحلة قد بدأت قبل اكثر من اسبوع وقد نال منا التعب مبلغه..كنا نقف علي نواصي القري و اطراف البلدات وعلي قرب تجمعات المناطق المأهولة لكي نقدم (خدمات طبية مجانية) لأنسان شرق السودان.تحركنا من كسلا وتطوفنا علي (ود شريفي عند معسكر اللاجئين)..(ووقر) و (عواض) و (أروما )..وحتي (همشكوريب)..كانت الايام ايام مسغبة وفاقة وجوع..كان الزرع قد جف و كأنما غضبة الهية غشيت الأمكنة..والضرع قد جف في حلمات البهائم و اصبحت الحياة قطعة من الجحيم..لا بد أن الخيال السوداني قد نضب معينه في تلك السنوات..ننزل الي القرية فتنصب لنا خيمتين عظيمتين في دقائق..وننزل معداتنا ونبدأ العمل..نطيب خاطر المرضي بكلمات فاضلات اكثر من علاجات علمية تتناقص كمياتها يوما بعد أخر.ويبدأ فنيي المعامل في أخد عينات من دم المرضي لفحص الملاريا و الالتهابات..ويحقن الممرضين المرضي (ببنسلين مائي) و (كلوروكوين ) ..وتصرف لهم (الاستربتو) و (السيازينا) و(فيتامين) لمعالجة السل الرئوي المنتشر..تصرف للاطفال جرعات التطعيم من (شلل الاطفال) فور وصولهم..وكان مندوب احد المنظمات يصرف لهم مطهرات للتخلص من القمل..ويقوم المساعد الطبي ومحضري العملية بعمليات الختان للاطفال من عمر ثلاثة وحتي ثمانية.. وكان الاطفال المفزوعين يقفون صفوفا هؤلاء المساكين وتجحظ اعينهم في انتظار دورهم.وكنت اخلع لهم اسنان مخلخلة الجدور من سوء التغدية...كانت قليلة تلك الايام التي استضافنا فيها بيت..فقد كنا ننزل في المساجد غالبا و ندخل اسرتنا داخله و ننام..اكثر من شهر تطوفنا فيه تلك الفيافي ..وتعاملنا مع انسان الشرق البائس المهضوم الحقوق ربما مند الازل.
عملي بمستشفي كسلا لم تبق من دكراه الا لمحات مثل التي سجلت..وكان معطم الاطباء يخشي الخروج من (كسلا) الي الاقاليم غاية الخشية . كانت اروما بالنسبة لهم هي الجحيم الفاغر الفم اما (همشكوريب ) فقد تفنن احد زملائنا عندما جاء منها في اجازة في وصفها بانها ليست همشكوريب بل: (هم) و (شك) و (ريب)..فلله در اهلها وساكنيها..
أواه يا ارض شرقنا المصابرة. يا ارض اوشيك و اونور وارض الابل وارض (الرشايدة)..لم تكتحل عيناي برؤيتك مند حقبة التمانينيات..و لا ادري متي اجد فسحة من الزمان لاعاود حنيني اليك.ولكن ادا دكر عاشقيك في الدنيا فاحسبيني منهم.