Powered By Blogger

الأحد، 26 أغسطس 2012

من رواية الحب في زمن الكوليرا- للروائي جابرائيل جارسيا ماركيز.

وفيما هو يلتهم وجبة البيض, وصحن الموز الاخضر, وفنجان القهوة مع الحليب, خرجت السفينة ومراجلها مطفأة من الميناء, وشقت طريقها في المجاري المائية عبر مفارش الطحالب, ونباتات اللوتس الطافية ذات الازهار البنفسجية و الاوراق الكبيرة التي علي شكل قلوب, وعادت الي المستنقعات. كان الماء براقا بفعل عالم الاسماك الطافية علي جنوبها, ميتة بديناميت الصيادين,وكانت طيور الارض و الماء تحوم فوقها نطلقة صرخات معدنية. ون
فذت ريح الكاريبي من النواغذ محملة بصخب العصافير, فاحست فيرمينيا داثا في دماءها خفقات حريتها القلقة, والي اليمين كان مصب نهر مجدولينا العظيم والرصين يمتد حتي الجانب الاخر من الدنيا.
عندما لم يبق في الاطباق شيء يؤكل, مسح القبطان شفتية بطرف شرشف الطاولة, وتكلم برطانة قوضت الي الابد سمعة حسن التحدث التي عرف بها قباطنة النهر. لم يتكلم عنهما ولا عن احد.وانما كان يحاول التوافق مع غضبه. و النتيجة التي وصل اليها بعد سلسلة من الشتائم البربرية, هي انه لا يجد سبيلا للخروج من ورطة راية الكوليرا التي ادخلوا انفسهم فيها .
استمع اليه فلورينتينو اريثا دون ان يطرف له رمش. ثم نظر عبر النافذة الي دائرة ساعة اجهزة الملاحة, والي الافق الرائق, والي سماء كانون الاول التي لا تشوبها غيمة, و الي المياه الماتية للابحارالي الابد , وقال:
-فلنتابع قدما,قدما,قدما, ونرجع الي لادواردا ثانية. ارتعشت فيرمينيا داثا ,لانها تعرفت علي الصوت القديم المضاء بنعمة الروح القدس,ونظرت الي القبطان:كان هو القدر,لكن القبطان لم يرها,لانه كان غارقا في قدرة فلورنثينو اريثا الرهيبة علي الابهام.
وساله:
اتقول هذا جادا؟
فقال فلورنتينو اريثا:
-منذ ولدت لم اقل كلمة واحدة غير جدية.
نظر القبطان الي قيرمينيا داثا ورايء في رموشها البريق الاول لصقيع شتوي. ثم نظر الي فلورنتينو اريثا.بتماسكه لبذي لا يقهر,وحبه الراسخ, وارعبه ارتيابه المتاخر بان الحياة,لا اكثر من الموت.هي التي بلا حدود.
سأل:
- والي متي تظن باننا سنستطيع الاستمرار في هذا الذهاب و الاياب الملعون؟
كان الجواب جاهزا لدي فلورنتينو اريثا منذ ثلاث وخمسين سنة وستة شهور واحدي عشر يوما بلياليها. فقال:
- مدي الحياة.
--
صفحة
309

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق