Powered By Blogger

الأحد، 26 أغسطس 2012

من رواية زوربا- للاديب نيكوس كازانتا زاكي

البحر و طراوة الخريف, و الجزر السابحة في النور, و المطر الناعم الذي اضفي حجابا شفافا علي العري الابدي لجزر اليونان, كم هو سعيد الرجل الذي يمخر عباب بحر ايجة قبل وفاته.
كم هي عديدة مسرات هذا العالم, نساءه, و فواكه, و أراء, ولكن ان تشق عباب هذا البحر الهاديء وفي فصل الخريف لهي السعادة التي تملأ قلب الانسان في نعيم الفردوس, فهذا هو المكان الوحيد الذي يمكن للانسان ان ينتقل فيه من من مكان الي مكان بهدو
ء وسهولة , من الواقع الي الخيال..انها المعجزة بالذات.
وعند الظهر انقطع المطر, وبددت الشمس حجب الغيوم, واطلت علينا ناعمة لتداعب باشعتها صفحات الماء الحبيبة,وتركت نفسي تستوعب هذه المعجزة الخالدة التي انقشعت علي مدي الافق البعيد.
وعلي ظهر المركب,كاليونانيين, و الشياطين الاذكياء, ذوو العيون المشعة و العقول التي تتفن فن المساومة الظويل علي البضائع التافهة, وفي بعض الاحيان تأخد بك الرغبة في أن تمسك بهذا المركب من طرفيه وتغرقه في البحر ,ثم تهزه جيدا لتغسل عنه كل هذه الحيوانات التي اوسخته,رجال , فئران, وقمل .ثم تعومه من جديد بعد ان يصبح نظيفا فارغا.
ولكن في بعض الاحيان كانت العاطفة تمنعني, عاطفة بوذية , باردة كالاستنتاجات الميتافيزيثية, عاطفة ليست نحو الرجال فقط, بل نحو الحياه كلها بجهادها, و صراخها, و نواحها , وأمالها التي لا تري ان كل شيء ليس الا محاولة لاظهار الاشباح من العدم,عاطفة نحو اليونانيين, ونحو المنجم الفحمي, ونحو مخطوطتي الناقصة عن بوذا, و عن ذلك الخليط من النور و الظلال الذي يزعج صفاء الجو.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق