Powered By Blogger

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

حسين يوسف الهندي




هُو الْشَّرِيف الْحُسَيْن ابْن الْعَارِف بِالْلَّه الْشَّرِيف يُوَسُف الْهِنْدِي بْن قُطْب الْقُرْآَن الْشَّرِيف مُحَمَّد الْأَمِيْن "وَد الْهِنْدِي" يَنْتَمِي نَسَبِهِم إِلَى الْرَّسُوْل الْكَرِيم ( ). وُلِد فِي حَي بَرِّي الْشَرَيْف مِن قَرْيَة بَرِّي اللامِاب عَام 1924م.. نَّشَأ وَتَرَعْرَع بِهَا فِي بَيْت عَادِي مِن بُيُوْت الْطِّيْن ، كَكُل الْمَسَاكِن الَّتِي نَشَأ فِيْهَا إِخْوَانَه.. (وَلَم يَكُن يُمَيِّز بَيْت وَالِدِه الْشَّرِيف يُوَسُف عَن بُيُوْت غَيْرِه إِلّا " سَرَايَاه " ، وَهِي دَوَاوِيْن ضِيَافَة وَلَيْسَت لِسُكْنَى أَسَرَه الْخَاصَّة).. وَمِن ثَم عَاش طُفُوْلَتِه وَصِبَاه وَشَبَابُه كَمَا يَعِيْش إِخْوَانَه وَالْعَادِيُّون مِن الْنَّاس؛ كَمَا زُمَلَاؤُهُم فِي الْخَلْوَة بِلَا تَمْيِّيز فِي الْعَيْش او الْمَلْبَس.. بِرَغْم أَن وَالِدُهُم كَان مِن زُعَمَاء الْسُّوْدَان الْدِّيْنِيِّيْن الْثَّلاثَة الْكِبَار؛ وَكَان ذَا سِعَة وَيَسِّر..
بَدَأ الْحُسَيْن دِرَاسَتُه فِي خَلْوَة أَبِيْه بِبِرِّي وَعِنْدَمَا أَتَم حِفْظ الْقُرْآن فِي الْعَاشِرَة مِن عُمْرِه أَخَذَه جَدِّه لِأُمِّه مُحَمَّد أَحْمَد خَيْر الْمَعْرُوْف ب "وَد خَيْر"، وَأَلْحِقْه بِالْمَدْرَسَة الْأَوَّلِيَّة بِمَدِيْنَة سَنْجَة، ثُم سَاقَه خَالِه أَحْمَد خَيْر الْمُحَامِي إِلَى الْمَدْرَسَة الْأَوَّلِيَّة بِوُد مَدَنِي. وَبَعْدَه تَم قَبُوْلِه بِمَدْرَسَة وَدْمِدْنِي الْأَمِيْرِيَّة الْوُسْطَى عَام 1935م؛ ثُم تُدَّرَج بِقَفَزَات كَبِيْرَة مَرْحَلَة بَعْد مَرْحَلَة حَتَّى الْصَّف الْرَّابِع؛.. كَثِيْرَا مَا فَات فِيْهَا اقِرَانَه وَزُمَلاء دِرَاسَتُه، مُتَعَدِّيَا الْكُل بِسَنَة كَامِلَة. وَقَبْل أَن يُكْمِل عَامِه الْدِّرَاسِي سَافَر لِتَلَقِّي دِرَاسَتُه الْثَّانَوِيَّة بِكُلِّيَّة فِيْكْتُوُرْيَا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّة. وَعِنْدَمَا رَجَع إِلَى الْسُّوْدَان فِي الْإِجَازَة الْمَدْرَسِيَّة؛ وَرَآَه أَبُوْه مَزْهُوّا بِزِيِّه الْإِفْرِنْجِي أَرَاد مَنَعَه مِن الْعَوَدَّة إِلَى مِصْر، فَتَدَخَّل خَالِه أَحْمَد خَيْر وَالْإِمَام عَبْدِالْرَّحْمَن الْمَهْدِي (صَدِيْق الْشَّرِيف يُوَسُف الْهِنْدِي الْمُقَرَّب.. وَكَانَا يَتَبَادَلَا الْهَدَايَا) وَالَّذِي طَلَب مِنْه أَن يَسْمَح لَه بِمُعَامَلَة الْحُسَيْن كَأَحَد أَبْنَائِه وَأَن تَكُوْن نَفَقَات دِرَاسَتُه عَلَيْه، فَأَقْنَعَا الْشَّرِيف يُوَسُف الْهِنْدِي، الَّذِي قَال عِنْد ذَلِك قَوْل الْرَّسُوْل (ص): "فَلْيَفْعَلُوْا مَا أَرَادُوْا.. فَإِنَّهُم أَهْل بَدْر".
وَكَان الْشَّرِيِف حُسَيْن أَقْرَب إِلَى نَفَس الْإِمَام عَبْدِالْرَّحْمَن الْمَهْدِي مِن أَغْلَب أَبْنَائِه.. مِمَّا جَاء عَلَى لِسَان او قَلْم الْحُسَيْن فِي مُذَكَّرَاتِه بِعُنْوَان: "لْوَطَنِي وَلِلِتَّارِيْخ". فَوَاصِل الْشَّرِيف تَعْلِيْمِه بِكُلِّيَّة فِيْكْتُوُرْيَا بِمِصْر وَكَانَت قَد تَوَثَّقْت عَلَاقَة أَخَوِيَّة قَوِّيَّة رَبَطْتَه بِالْإِمَام الْهَادِي الْمَهْدِي الَّذِي سَبَقَه إِلَيْهَا بِعِدَّة سَنَوَات. وَشَاء الْلَّه أَن تَقُوْم الْحَرْب الْعَالَمِيَّة الْثَّانِيَّة وَهُو هُنَاك فِي مِصْر؛ فَعَاد إِلَى الْسُّوْدَان لِيَتِم دِرَاسَتُه بِكُلِّيَّة غْرَدُون (جَامِعَة الْخُرْطُوْم فِيْمَا بَعْد).
كُلِّيَّة فِيْكْتُوُرْيَا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّة – الْتَّابِعَة لِجَامِعَة أُكْسُفُورْد بِانْجِلِتْرا
صُوْرَة أُلْتُقِطَت 1950م
وَمُنْذ صِبَاه الْبَاكِر.. كَانَت لِلْشَّرِيف الْحُسَيْن أَخْلَاق إِنْسَانِيَّة اكْثَر مِن رَائِعَة وَحْمِيْدّة وَصِفَات شَخْصِيَّة جَمِيْلَة رَاقِيَّة عَلَى عِفَّة مِن الْقَلْب وَالْيَد وَالْلِّسَان اقِل مَا تُوْصَف بِه أَنَّهَا غَيْر عَادِيَّة؛ إِن لَم تَكُن فَرِيْدَة فِي ذَلِك، قُل لَهَا الْنَّظِيْر.
إِقْرَأ الْمَزِيْد عَن مَرَاحِل تِعْلِيْمِه وَنَشَاط صِبَاه.
أَعْمَالِه الْخَاصَّة.. تِجَارِيَّة وَمَشَارِيْع زِرَاعِيَّة
فَكَّر الْشَرَيْف حُسَيْن فِي بِدَايَة شُغْلِه فِي الْعَمَل الْتِّجَارِي؛ بِتِكِوين شَرِكَة لِمَا وَرَاء الْبِحَار؛ وَشَارَكَه فِيْهَا آَخَرُون.. لَكِنَّه مَا لَبِث أَن انْسَحِب مِنْهَا؛ وَتَفَرَّغ لِلْعَمَل الْزِّرَاعِي.. الَّذِي بَدَأَه بِجْنَيْنِة (مَزْرَعَة) وَاسِعَة وَرِثَهَا مَع اثْنَيْن مِن اشِقَائِه؛ عَن ابِيْهِم.. (شَمَال غَرْب سُوْق حُلَّة كَوْكَو شَرْق الْنِّيْل الْأَزْرَق مُقَابَلَة لِحَدِيْقَة وَالِدُهُم غَرْب الْنَّيْل بِبِرِّي- يَقْطُن بِهَا الْآَن شَقِيْقِه زُيِّن الْعَابِدِيْن الْهِنْدِي). وَكَان يَزْرَع أَيْضا فِي جَنائَنْهُم بسُوْبا شَرْق؛ ثُم أَقَام مَشْرُوْعا لِلْقَطَن (فِي قَرْيَة "أَم أَرَضَة" بِالْنِّيْل الْأَبْيَض)؛ وَآَخِر بِالْتُمَانِّيَات (قَرْيَة بِالْقُرْب مِن قَرْيَة الْكِبَاشِي شَمَال الْخُرْطُوْم).. كَمَا لَهُم حَوَاشَات (حُقُوْل زِرَاعِيَّة) فِي الْجَزِيْرَة، تَرَكَهَا عِنَدَمّا اصْطَدَم بِمَسْؤُولِيْن إِنْجِليز فِي إِدَارَة مَشْرُوْع الْجَزِيرِة الْزِّرَاعِي.. وَالْتَفَّت لِلْزِّرَاعَة الْمَطَرِيَّة الْآَلِيَّة بِمَدِيْنَة الْقُضَارِف شَرْقِي الْسُّوْدَان.
اهْتِمَامَاتِه الْشَّخْصِيَّة.. أَدَبِيَّة وَسِيَاسَة وصَحْفِيّة
عِنْد بِدَايَة سَفَرِه لِلْخَارِج أَقَام الْشَّرِيف بِفُنْدُق الَكَوّنَتِنْتَال فِي مِصْر، وَكَانَت اهْتِمَامَاتِه الْأَدَبِيْة يَوْمَهَا طَاغِيَة عَلَى الْسِّيَاسِيَّة؛ يَقْرَأ كَثِيْرا، وَعُرِف بِسُرْعَة الْقِرَاءَة. وَوَطَّد عَلَاقَتَه مَع كِبَار الْأُدَبَاء الْمِصْرِيِّيْن؛ يَحْضُر نَدْوَة الْعَقَّاد بِانْتِظَام؛ وَمَجَالِس طَه حُسَيْن وَحَدِيْث الْأَرْبِعَاء.
الْأُسْتَاذ مَحْمُوْد عَبَّاس الْعَقَّاد
الدُّكْتُوْر طَه حُسَيْن
وَتَزَامَن وَجُوْدُه فِي الْقَاهِرَة مَع وَفْد الْسُّوْدَان لِلِمُفَاوْضَات الْسِّيَاسِيَّة: الْسُودَانِيَّة-الْمِصْرِيَّة فِي نِصْف الْأَرْبَعِيْنَات مِن الْقَرْن الْمُنْصَرِم.. بِرِئَاسَة الْسَّيِّد إِسْمَاعِيْل الْأَزْهَرِي؛ وَسَاهِم فِي نَفَقَات وَفْد الْسُّوْدَان.. وَكَان الْحُسَيْن كَفِّيْلَا ضَامِنا وَوَلِي أَمَر "شَرَفَي" يَقُوْم ايْضا بِالْنَّفَقَات لِثَلَاثَة طَلِبَة بِكُلِّيَّة فِيْكْتُوُرْيَا فِي مِصْر وَأَهِّلْهُم بِوُد مَدَنِي بِالْسُّوْدَان.
نَشَاطَه السِّيَاسِي وَعَمَلِه الصُّحُفِي بَعْد عَوْدَتِه مِن مِصْر
فِي الْسُّوْدَان رَفَع الْشَّرِيف مُنْذ وَقْت بَاكِر شِعَارُه الْفَاصِل أَلَا سِيَاسَة مَع القَدَاسَة، وَكَان مِن رَأْيِه أَن الْطَّائِفِيَّة يَنْبَغِي أَن تَبْتَعِد عَن الْعَمَل السِّيَاسِي - وَعَلَى قَادَتِهَا.. أَلَا يتَدَثَرُوا بِالْقَدَاسَة إِذَا أَرَادُوْا أَن يَخُوْضُوْا مَع الْآَخَرِيْن غِمَار الْسِيَاسَة؛ لِذَا فَوْر انْفِصَال طَائِفَة الْخِتْمِيَّة عَن الإتِّحادِيِّين، وَتَكْوِيْنِهَا لِحِزْب الْشَّعْب الْدِّيْمُقْرَاطِي ، بَادِر الْحُسَيْن بِالإِنْضمُام لِلْحِزْب الْوَطَنِي الِاتِّحَادِي.. وَكَتَب عَن الْطَّائِفِيَّة فِى جَرِيْدَة "الْعَلَم" (الَّتِي كَان مِن أُمَيِّز مُحَرِّرَيْها) مَقَالا بِعُنْوَان: "لَا قَدْاسة مَع الْسِيَاسَة".. كَمَا كَان يَكْتُب فِى جَرِيْدَة " الْنِّدَاء".
وَمَن خَبَطاتِه الْصُحُفِيَّة أَنَّه أَخْرَج عَدَدَا خَاصَّا مِن جَرِيْدَة "الْعِلْم" عَن الْفَسَاد الَّذِى حَدَث بِوَزَارَة الرَّي فِى أَمْتِدَاد الْمَنَاقِل. وَقَد أُحْدِث هَذَا الْعَدَد رُدُوْد فِعْل عَنِيْفَة فِى كَثِيْر مِن الْأَوْسَاط.. وَفِي 19 مَايُو 1958م كَتَب مَقَالا بِعُنْوَان: "دَوْلَة الْإِقْطَاع" نَشْرُه بِجَرِيْدَة "الْعِلْم" ايْضا، جَاء فِيْه:
"الْمُشْكِلَة هِى مُشْكِلَة مُلَاك الْأَرَاضِي مِن الْمُزَارِعِيْن، الَّذِيْن يَجِدُوْن مَلكِيَّاتِهُم الْصَّغِيْرَة
وَقَد أُغْرَقَهَا طُوَفَان مَشْرُوْع إِقْطَاعِي كَبِيْر، إِبْتُلِع فِى جَوْفِه عَشَرَات الْآَلَاف مِن الأَفْدَنّة،
تَمْلِكُهَا عَشَرَات الْآَلَاف مِن الْأَسْر الْفَقِيْرَة ".
كَمَا أَنَّه عِنْدَمَا أَصْبَح نَائِبا – فِيْمَا بَعْد - كُتِب سِلْسِلَة مَقَالَات بِعُنْوَان: "خَوْاطِر نَائِب". وَحِيْنَمَا أَخَذ سَلَفِيَّة مِن الْبَنْك مِقْدَارُهَا ثَلَاثِيْن أَلْف جُنَيْه.. وَسَافِر لْمَدِينَة الْحَوْش بِمِنْطَقَة الْجَزِيرَة، هَاجَمَتْه صُحُف الْحُكُومَة، وَكُتِبَت صَحِيْفَة "الْأُمَّة" مَقَالا بِعُنْوَان: "الْشَّرِيف الْهَارِب"، زَعَمْت فِيْه أَنَّه هَرَب بِسَلَفِيَّة الْبَنْك؛ وَقَرَأ الْمَقَال ثُم كَتَب بِجَرِيْدَة "الْعِلْم" يَوْم 11 مَايُو 1958م رَدُّه الْشَّهِيْر الْلَّاذِع بِعُنْوَان "عَوْدَة الْهَارِب".
إِنْضِمَامِه لِلْحِزْب الْوَطَنِي الِاتِّحَادِي (الدِّيَمِوَقْرَاطِي فِيْمَا بَعْد) وَأَعْمَالُه
وَانْضَم الْشَّرِيف إِلَى الْحِزْب الْوَطَنِي الِاتِّحَادِي وَكَان يَتَمَتَّع بِذَاكِرَة قَوِّيَّة، يَحْفَظ أَسْمَاء الْنَّاس بِسُرْعَة، وَيَتَذَكَّر كُل مَن يَلْتَقِيْه، مُهِمَّا كَانَت فَتْرَة الْلِّقَاء قَصِيْرَة؛ مِمَّا سَاعِدُه عَلَى مَعْرِفَة لِجَان الْحِزْب وَجَمَاهِيْرِه؛ وَقَد كَسَر الْحَوَاجِز بَيْنَه وَبَيْنَهُم؛ وَلِذَا قَفَز لِلْمُقَدِّمَة بِسُرْعَة؛ وَتَقَدَّم مِن سَبَقُوْه فِي الْحِزْب. وَقَبْل دَمْج الْحِزْبَيْن (حِزْبَه الْوَطَنِي الِاتِّحَادِي وَحِزْب الْشَّعْب الْدِّيْمُقْرَاطِي) كَان يُصِّر عَلَى أَن يَتِم الدَّمْج عَلَى أُسُس وَاضِحَة؛ مُسْتَفِيْدِيْن مِن تَجَارِب الْمَاضِي، لِتَفَادِي أَخْطَاء الْإِنْقِسَام مُرَّة أُخْرَى. و لَعِب دَوْرَا كَبِيْرَا فِي تَوْحِيْد الْحِزْب وَتَم الْإِتِّفَاق عَلَى أَن يَكُوْن الْسَّيِّد إِسْمَاعِيْل الْأَزْهَرِي رَئِيْسَا لِلْحِزْب، وَالْشَّيْخ عَلَي عَبْد الْرَّحْمَن نَائِبا لَه.. بَيْنَمَا كَان الْبَعْض يُرَشِّحُون الْشَّرِيف لِخِلَافَة الْأَزْهَرِي مُسْتَقْبَلَا وَفِيْمَا بَعْد.. قُدِّم الْشَّرِيف تَصَوَّرا عَمَلِيّا لِلْدَّوْر الَّذِي يَنْبَغِي أَن يُؤَدُّوه فِى الْسَّاحَة السِّيَاسِيِّة، عَبْر حِزْب مَفْتُوْح لِكَافَّة الْمُوَاطِنِيْن.. وَعِنْدَمَا أَزِف مَوْعِد الانْتِخَابَات، أَعْلَن عَن تَرْشِيح نَفْسَه فِى دَائِرَة الْحَوْش وَفْق رَغْبَة جَمَاهِيْرَهَا، وَبَعْد الْإِقْتِرَاع فَاز بِأَكْثَر مِن ضَعْف أَصْوَات مُنَافَسَه..
الْإِنْتِخَابَات وَدُخُوْلُه الْبَرْلَمَان
فِي عَام 1957م تُرَشِّح الْشَّرِيف فِى دَائِرَة (الْحَوْش) عَن حِزْبِه وَفَاز ثُم أَصْبَح عُضْوا بِالبَرْلِّمَان السَّوْدَانِي الْثَّانِي ، الَّذِي سَرَّحَه الْحُكْم الْعَسْكَرِي الْأَوَّل فِي 17 نُوُفَمْبَر عَام 1958م ، وَرَغْم قِصَر الْمُدَّة ، فَقَد تَكَشَّفَت مـلَكاتِه الْأَدَبِيْة وَالشَاعريّة ، فَبَرَز خَطِيْبا سَاحِرا مُفُوه ، وَمُتَحَدِّثا فَذّا قَادِرا عَلَى امْتِلَاك مَشَاعِر سَامِعِيْه.
فِى انْتِخَابَات عَام 1958م أَعَاد تَرْشِيْح نَفْسَه فِى دَائِرَة الْحَوْش ايْضا عَن الْحِزْب الْوَطَنِي الإتِّحَادِي وَاتَّجَه لِدَارْفُوْر الَّتِى كَان مُشْرِفَا عَلَى الْإِنْتِخَابَات فِيْهَا مُمَثِّلَا لِحِزْبِه، وَجَّاب أَنْحَاء مُدِيْرِيَّة دَارْفُوْر الْمُخْتَلِفَة، وَوَاصَل نَشَاطَه بِهِمَّة عَالِيَة وَحَمَاس.. وَتَأَثَّر جَدَّا بِمَا وَقَف عَلَيْه مِن نُدْرَة الْمِيَاه وَا;نْعِدَام الْخِدْمَات الاجْتِمَاعِيَّة هُنَاك، مِمَّا دَعَاه - وبِتَحَسر شَدِيْد - لِإِثَارَة قَضِيَّة فِي الْبَرْلَمَان بِشَأْنِهَا.. الْأَمْر الَّذِي اثَلُج صُدُوْر اهْل دَارْفُوْر فَأَحِبُّوْه وَحَفَّظَوَه لَه فِيْمَا بَعْد.
اثْنَاء عُضْوِيَّتِه الْبَرْلَمَانِيَة، كَلَّفَتْه كُتَلَة الْمُعَارَضَة بِالْرَّد عَلَى خِطَاب الْمِيزَانِيَّة الَّذِي أَلْقَاه الْسَّيِّد وَزِيَر الْمَالِيَّة.. عِنْدَهَا أَلْقَى يَوْم 3 يُوْنْيُو 1958م، خِطَابا ضَافِيا فِى الْبَرْلَمَان إِنْتَقَد فِيْه الْمِيزَانِيَّة نَقْد خَبِيْر، حَتَّى أَشَاد بِه الْمَحْجُوْب وَزِيَر الْخَارِجِيَّة يَوْمَهَا، وَنَال اسْتِحْسَان قِطَاعَات وَاسِعَة مِن الْمُجَتَمَع.. وَكَان ذَلِك قَبْل انْقِلَاب الْفَرِيْق عَبُّوْد بِخَمْسَة شُهُور وَنِصْف.
مَوْقِفَه مِن نِظَام عَبُّوْد (نُوُفَمْبَر 1958م إِلَى 1964م)
إِنْطَوَى الْعَهْد الْحِزْبِي بِقِيَام إِّنْقِلَاب الْفَرِيْق إِبْرَاهِيْم عَبُّوْد فِي17 نُوُفَمْبَر 1958م، وَعِنْدَه أُعْلِن الإتِّحَادِيُّون - بِقِيَادَة الْرَّئِيْس الْأَزْهَرِي - مُعَارَضَتِهِم لِهَذَا الْنِّظَام، وَتَشَكَّلَت خَلِيَّة لِلْعَمَل عَلَى مُنَاهِضَة الْحُكْم الْعَسْكَرِي، تَتَكَوَّن مِن الْشَّرِيف الْحُسَيْن وَآَخَرِين.. وَذَات يَوْم قَال لَهُم: "مِن الْمُسْتَحْسَن أَن تَتَرَيثُوا قَلِيْلا، لِأَن الْحُكْم الْعَسْكَرِي رَفْع شِعَارَات مُعَيَّنَة، خَاطَب بِهَا عَوَاطِف الْجَمَاهِيْر الَّتِى مَلّت صِرَاعَات الْأَحْزَاب ومُمَارَسَاتِهَا، وَإِنَّكُم لَن تَجِدُوْا إِسْتِجَابَة أَوَآذَانَا صَاغِيَة فِى ظِل تِلْك الْظُّرُوْف، حَتَّى يَثْبُت لِلْنَّاس - عَمَلِيّا - سُوَء الْحُكْم الْعَسْكَرِي، وَمِن ثَم يَبْدَأ غَضَبِهِم وَتَذَمُّرُهُم، وَحِيْنَهَا.. يُمْكِن أَن تَبْدَأ الْمُنَاهِضَة الْحَقِيقِيَّة، الَّتِي تَجِد اسْتِجَابَة وَتَجَاوُبَا فِى الْشَّارِع"..
وَهْنَا كَان عَلَى الْشَّرِيف أَن يُفْاضَل بَيْن خِيَارَيْن.. إِمَّا أَن يَلْتَزِم حِزْبِيّا وَيُعَارِض - وَفْق قَرَار الْقِيَادَة - بِعَدَم تَأْيِيْد الْحُكْم الْعَسْكَرِي، وَقَد يَتَطَلَّب مِنْه ذَلِك مُصَادَمَة الْنِّظَام فِى الْدَاخِل، وَيُوَقِّع ذَلِك نَفْسُو و/أَو خَالِه الْأَسْتَاذ أَحْمَد خَيْر الْمُحَامِي - الَّذِي يُعَامِلُه كَوَالِدِه - فِى حَرَج.. وَإِمَّا أَن يُعْلِن تَأْيِيدَه لِلْحُكْم الْعَسْكَرِي، وَيَخْتَلِف بِالْتَّالِي مَع حِزْبَه وَقِيَادَتُه.
عَلَيْه آَثَر أَن يَقْضِي فَتْرَة الْحُكْم الْعَسْكَرِي بِمِصْر. وَأَضْحَى فِى مِصْر قِبْلَة لِكَثِيْر مِّن الْسُّوْدَانِيِّيْن الْضُّيُوْف مِن أَهْلِه وَأَرْحَامِه وَأَصْدِقَائِه وَغَيْرِهِم مِن طَالِبِي الْمُسَاعَدَة.. يَأْخُذ الْمَال بِيَمِيْنِه وَيُوَزِّعُه بِيُسْرَاه مُنْفِقا لَه عَلَى الْغَيْر؛ إِنْفَاق مَن لَا يَخْشَى الْفَقْر، وَيُذْكَر أَنَّه قَال يَوْما لَوَاحِد مِن أَصْحَابِه الْمُنْتَقِدِين لَه حِيْن وَصَف إِنْفَاقِه ذَاك بِالْتَّبْذِيْر: "نَحْن قَوْم لَسْنَا لِلْمَال بِمَخَازِن.. وَلَكِنَّا مَحَطّات".
الْشَّرِيف الْحُسَيْن بِالْقَاهِرَة يَتَوَسَّط أَرْحَامِه (عَلَى يَمِيْنِه الْحَاج حَمْد أَبُو زَيْد، وَعَلَى يَسَارِه
الْحَاج مُحَمَّد فَضْل الْلَّه وَالْجَالِس أَمَامَه الْعُمْدَة حَسَب الْرَّسُوْل الْشَّيْخ الْطَيِّب بَدْر
وَعَلَى يُمَنِّيْهِم الْحَاج الْفَاضِل أَحْمَد الْفَاضِل وَالْبَقِيَّة مِن زُوَّارِه وَضُيُوْفُه)
مَوْقِفَه مِن القَوْمِيَّة الْعَرَبِيَّة وَحَرَكَات الْتَحَرُّر
عَلَاقَاتِه بِالْرَئِيس عَبْد الْنَاصِر.. وَبِالْخَارِج
أَثْنَاء وُجُوْدِه بِمِصْر تَكَوَّنَت بَيْنَه وَبَيْن الْرَّئِيْس عَبْد الْنَّاصِر (رَحِمَهُمَا الْلَّه) عَلَاقَة قَوِّيَّة، تَمَيَّزَت هَذِه الْعَلَاقَة بِالْصَّدَاقَة الْشَّخْصِيَّة وَبِالْأُخُوَّة الْمُؤْمِنَة بِالْقَوْمِيَّة الْعَرَبِيَّة؛ وَبِالثِّقة الْمُتَبَادَلَة وَالْمَبَادِئ الْمُشْتَرَكَة، فِي خِدْمَة قَضَايَا تَحْرِيْر الْشُّعُوْب الْعَرَبِيَّة وَالأَفَرِيقِيّة – عَلَى وَجْه الْخُصُوْص- مِن الِاسْتِعْمَار وَأَعْوَانِه.. الْحُكَّام الْعُمَلَاء. إِقْرَأ قَصَصِه مَع جَمَال عَبْدُالْنَّاصِر.. وَالَّتِي مِنْهَا قِصَّة مُحَاوَلَتُه لِإِنْقَاذ لُوَمَامْبا.
قَضَى الْشَّرِيف فِي عَقْد الْسِتِّينَات فَتْرَة بِبَيْرُوت؛ وَالْتُّقَى هُنَاك بِكَثِيْر مِن الْلَّاجِئِين الْسِيَاسِيِّيْن (مِن كِبَار شُيُوْخ "الْمُحْمِيَات" الْمُسْتَعْمَرَة - Protectorate Colonies - آَنَذَاك فِي الْخَلِيْج الْعَرَبِي وَغَيْرُه).. الَّذِيْن هَاجَرُوا مِن بِلَادِهِم وَلَجَأُوا إِلَى بَيْرُوْت سِيَاسِيا، وَكَان يُسَاعِدُهُم - مَادِيَّا – وَمِنْهُم مَن رَد لَه الْجَمِيْل؛ وَحَافِظُوْا عَلَى الْوُد مَعَه إِلَى ان رَحَل الَى جَوَار رَبِّه الْرَّحِيْم. كَمَا سَاهَم مَع الْرَّئِيْس عَبْد الْنَاصِر مُسَاهَمَة فَعَّالَة فِي مُسَانَدَة وَدَعَم عَدَد كَبِيْر مِن الْمُنْتَمِيْن لِحَرَكَات الْتَحَرُّر الْوَطَنِي مِن نِيْر الْاسْتِعْمَار، خَاصَّة ثَوْرَة الْمَلْيُوْن شَهِيْد الثَّوْرَة الْجَزَائِرِيَّة، حَتَّى تَخَلَّصَت مِن الاسْتِعْمَار الْفَرَنْسِي الْبَغِيض.
وَظِل فِي سَاحَة الْنِّضَال لِإِعَادَة الْدِيِمُوقْرَاطِيَّة لِبِلَادِه ، حَتَّى قِيَام ثَوْرَة أُكْتُوْبَر الْشَّعْبِيَّة، الَّتِي أَطَاحَت بِالْحُكْم الْعَسْكَرِي الْأَوَّل (نِظَام الْفَرِيْق إِبْرَاهِيْم عَبُّوْد) عَام 1964م. . ثُم تَبَوَّأ لِلْمِرَّة الْأُوْلَى وَزَارَة الرَّي ، ثُم بَعْدَهَا تَوَلَّى وِزَارَة الْمَالِيَّة فَالحُكُومَات الْمَحَلِّيَّة ، وَمُرَّة أُخْرَى وِزَارَة الْمَالِيَّة.
دَوْرَه الْمِحْوَرِي فِي مُؤْتَمَر لَاءَات الْخُرْطُوْم أَوَّل سَبْتَمْبَر 1967م
سَاهَم الْشَّرِيف الْحُسَيْن بِدَوْر إِسْتِرَاتِيجِي فِي قِيَام مُؤْتَمَر الْخُرْطُوْم الْمَشْهُوْر - ذِي الَّلاءَات الثَّلَاث "لَا صُلْح، لَا تَفَاوُض، لَا اعْتِرَاف".. فِي قَضِيَّة فِلَسْطِيْن– وَكَان لِّمَا قَام بِه الْأَثَر الْكَبِيْر فِي نَجَاح الْمُؤْتَمَر.. إِذ قَام بِدَوْر رَئِيْس وَفُعَّال فِي الْصُّلْح بَيْن الْرَّئِيْس عَبْد الْنَّاصِر و الْمَلِك فَيَصِل بْن عَبْد الْعَزِيْز؛ الَّذِي لَوْلَاه رُبَّمَا لَم يُكْتَب الْنَّجَاح لِلْمُؤْتَمَر. رَاجِع الْحَلْقَة الْثَانِيَة عَن هَذَا الْمُؤْتَمَر بِقَلَمِه فِي كِتَاب مُذَكِّرَاتِه بِعُنْوَان: "لْوَطَنِي وَلِلِتَّارِيْخ"؛ الَّذِي اعَدَدْنَاه الْآَن لِلْطِّبَاعَة وَالْنَّشْر.
كَمَا سَعَى بَعْد ذَلِك مَع جَمَال عَبْد الْنَاصِر لِتَعْيِيْن مُحَمَّد أَحْمَد الْمَحْجُوْب (رَئِيْس وُزَرَاء الْسُّوْدَان فِي الْنِّصْف الْثَّانِي مِن سِتِّيْنَات الْقَرْن الْمَاضِي) أَمِيْنَا لِلْجَامِعَة الْعَرَبِيَّة، وَلَكِن الْصَّادِق الْمَهَدِي حَال دُوْن ذَلِك. إِقْرَأ قِصَّة الْمَسْعَى.
مُؤْتَمَر الْخُرْطُوْم الْمَشْهُوْر - ذِي الَّلاءَات الثَّلَاث عَام1967م
الْسِيَاسَة الْمَالِيَّة وَالاقْتِصَادِيَّة لِلْشَّرِيف
كَان الْشَّرِيف يُؤْمِن بِالْخِدْمَة الْعَامَّة وَبِالْعَمَل الْمَيْدَانِي فِيْهَا وَالَّذِي يَقْتَضِي الإلْتِصَاق الْمُبَاشِر بِالْجَمَاهِيْر.. وَمُنْذ عَام 1967م كَان يُسَيِّر وِزَارَة الْمَالِيَّة بِطَرِيْقَة مَكَّنَتْه مِن جُمَع كُل الْخُيُوط بَيْن يَدَيْه؛ وَلِمَعْرِفَة حَل الْمُعْضِلَات الْمَالِيَّة الَّتِي تُعَانِي مِنْهَا الْوِزَارَة؛ وَفُك الإختِنَاقَات الَّتِي يُعَانِي مِنْهَا الْاقْتِصَاد السَّوْدَانِي.. وَفِي الْمُذَكِّرَات الَّتِي نَشَرَهَا رُوْبَرْت ماكِنِمَارّا (وَزَيْر الْدِّفَاع الْأَمْرِيْكِي الْأَسْبَق عَن فَتْرَة رِئَاسَتِه لِلْبَنَك الْدَّوْلِي عَام 1960م إِلَى عَام 1968م) شَهَادَة، عَبْر فِيْهَا رَئِيْس الْبَنْك الْدَّوْلِي عَن كَفَاءَة وَمَقْدِرَة الْشَّرِيف وَحُجَّتِه الْمَنْطِقِيَّة فِي الْحِوَار مَعَه قِي نَقْدِه لِسِيَاسَة الْبَنْك الْدَّوْلِي الْمَالِيَّة وَالْإِقْتِصَادِيَّة.. لِلْإِنْشَاء وَالتَّنْمِيَة اوَالتَعُمِيّر..وَذَلِك حِيْن قَال:
" خِلَال عَمَلِي لِمُدَّة ثَمَانِيَة سِنِيْن فِي الْبَنْك الْدَّوْلِي، لَم يَسْتَوْقِفُنِي مُحَافِظ مِن مُحَافِظّي
الْبَنْك (بِحُكْم مَنَاصِبِهِم كَوُزَرَاء لِلْمَالِيَّة) مِثْلَمَا اسْتَوْقَفَنِي وَأَدْهَشَنِي شَرِيْف الْسُّوْدَان "..
- قَاصِدا بِذَلِك الْشَرَيْف حُسَيْن وَنَقْدِه لسِيَاسَات الْبَنْك الْدَّوْلِي.. الْمَالِيَّة وَالاقْتِصَادِيَّة
الْشَرَيْف حُسَيْن الْهِنْدِي وَزِيَر الْمَالِيَّة (يَدَه عَلَى خَدَّيْه).. مَع ثَلَاثَة وُزَرَاء مِن حِزْبِه
وَهُم (بِالْزَّي الْإِفْرِنْجِي): نَصَر الْدِّيْن الْسَّيِّد، وَإِبْرَاهِيْم الْمُفْتِي، وَحَسُن عِوَض الْلَّه..
مَع وُزَرَاء مِن حِزْب الْأُمَّة فِي حُكُوْمَة الإِئْتِلاف
إِقْرَأ مَا كَتَبَه د. مُضَوِّي الْتُّرَابِي الْأَمِيْن الْعَام الْمُسَاعِد لِلتُخَطيّط الِاسْتِرَاتِيْجِي بِالحِزّب الِاتِّحَادِي الدِّيَمِوَقْرَاطِي - عَن الْسِيَاسَات الَّتِي تَبِعَهَا الْحِزْب فِي فَتَرَات الْدِّيِمُقْرَاطِيَّة الْسَّابِقَة عَلَى أَيْدِي شَبَاب الْحِزْب وَعَلَى رَأْسِهِم الْشَرَيْف حُسَيْن الْهِنْدِي وَقْتِهَا - فِي كِتَاب الْحَرَكَة الِاتِّحَادِيَّة، الصَادرعَن (الأَمَانَةِالْعَامَة) رَقِم 3 مِن وَثَائِق مُؤْتَمَرَات الْحِزْب بِالاسْكَنْدَرِيّة: الْأَوَّل (سَبْتَمْبَر 91 م) وَالْثَّانِي (دِيْسَمْبَر 92 ).. كِتَابِهَا بِعُنْوَان: " نَحْو أُفُق جَدِيْد لِلْعَمَل الْوَطَنِي.. (الْفِكْر .. الْتَّأْصِيل .. الْتَّنْظِيْم).
وَتَم كَذَلِك تَنْفِيْذ مَشْرُوْعَات التَّأْمِيْم فِي الْإِصْلَاح الْزِّرَاعِي الَّتِي رَفَعْت سَيْف الْسُّخْرَة الْمُسَلَّط عَلَى عُنُق الْمُزَارِع.
إِقْرَأ عَن إِنْجَازَاتِه عِنَدَمّا كَان وَزِيْرا فِي تِلْك الْفَتْرَة.
وَحَدَث انْقِلَاب 25 مَايُو 1969م .
لَيْلَة إِّنْقِلَاب مَايُو الْشُّيُوعِي بِقِيَادَة نَميري عَام1969م
فِي طَبِيْعَة الْشَّرِيف الْحُسَيْن.. أَنَّه لَا يَعْرِف لِخِدْمَتِه الْوَطَنِيَّة الْعَامَّة وَقْتا مُحَدَّدا او مُنْتَظِمَا.. لَا لَيْلَا وَلَا نَهَارا؛ فَهُو فِي الْعَمَل (شَخْصِيَّا) لَا يَكِل وَلَا يُمَل .. فَلَا يَقِف لْإِجَازَات وَلَا لعَطِلَات - رَسْمِيَّة كَانَت او مَوْسِمِيَّة – فَقَد كَان سَاهِرَا يَوْم انْقِلَاب الْنُّمَيْرِي؛ مَع نَائِب مُدِيْر الْبَنْك الْزِّرَاعِي مُصْطَفَى عِوَض الْلَّه (شَقِيْق مَوْلَانَا بَابَكّر عِوَض الْلَّه الَّذِي كَان رَئِيْسَا لِّلْوَزَارَة عِنْد مَطْلَع نِظَام نَميري الْشُّيُوعِي). وَالَّشُّيُوْعِيَّة تَقُوْل: "الْدِّيْن أَفْيُون الْشُّعُوْب"؛ وَمَن ثُم اهْمِل الْنُّمَيْرِي وَنِظَامُه الْبَاكِر ذِكْرَى مَوْلِد نَبِيِّنَا الْكَرِيْم مُحَمَّد بْن عَبْد الْلَّه "ص" .. لِيَحْتَفِل مَع الشُّيُوْعِيِّيْن – يَّوْمَذَاك - بِمِيْلاد الْرُّوْسِي الْكَافِر الْمُلْحِد.. نَبِي الْشُّيُوعِيَّة الْمَوْؤُدَة لِيَنْيَن. وَعُجْبا لسُّوَدَانِيِّين يَفْعَلُوْن ذَلِك!!
وَلَمَّا عَاد الْشَّرِيف فِي الْثَّالِثَة صَبَاحْا لِلْنَّوْم افَادَه شَاب لَم يَكُن يَعْرِفُه مِن قَبْل؛ إِسْمِه عَبَّاس مُحَمَّد أَحْمَد (الِفونْس).. شَاهِد دَبَّابَات الْإِنْقِلاب مُتَّجِهَة نَحْو إِذَاعَة أُم دُرْمَان؛ وَأَكَّد لِلْشَّرِيف أَن انْقِلَابَا عَسْكَرِيَّا بِقِيَادَة ضَابِط اسْمُه جَعْفَر نَميري قَد وَقَع.. فَلَجَأ مِن فَوْرِه إِلَى مَدِيْنَة وَدْمِدْنِي ثُم ذَهَب إِلَى الْجَزِيْرَة أَبَا عِنْد الْإِمَام الْهَادِي الْمَهْدِي عِنَدَمّا أَتَاه مِنْه رَسُوْل.
زَعَامَتِه لِلْجَبْهَة الْوَطَنِيَّة الْمُعَارَضَة لِنِظَام مَايُو 1969م
وَلِأَن هَذَا الِانْقِلَاب كَان شُيُوعيّا أَحْمَر لَم تَسْتَكِن لَه الْقُوَى الْدِيِمُوقْرَاطِيَّة فِي الْحَرَكَة الْوَطَنِيَّة الْسُودَانِيَّة مِن الْبَدَايَة.. وَمَن ثُم أَعَدْت عِدَّتُهَا لِلْمُوَاجَهَة الْمُسَلَّحَة لاقْتِلاعُه قَبْل ان يَتَمَكَّن مِن الْرُّسُوخ؛ وَقَد تَجَمَّعَت فِيْهَا بَعْض الْقِيَادَات الْسِيَاسِيَة الْمُعَارَضَة لِلشُيُوَعْيِّين؛ ثُم تَبَلْوَرَت الْمُعَارَضَة مُكَوَّنَة جَبْهَة وَطَنِيَّة عَرِيْضَة تَحْت زَعَامَة الْشَرَيْف حُسَيْن الْهِنْدِي؛ فَاوَفَدَتِه لِلْخَارِج حَيْث قَام بِدَوْرِه فِي تَنْظِيْم الْعَمَل خَارِج الْسُّوْدَان. وَفِي مُؤْتَمِرِسِّياسِي جَامِع (فِي مَوْسِم الْحَج عَام 1970م) انْعَقَد بِمِنَى كَان الْشَّرِيف نَجْمَه الْسَّاطِع وَابْرِز الْمُشْتَرِكِيْن فِيْه.. اتَّخَذ الْمُؤْتَمَر قَرَارَات بِتَّوْسِيْع النَّشَاط الْمُضَاد لِحُكُومَة الِانْقِلاب؛ وَبِاعْتِرَافِهَا (عَلَى لِسَان وَزَيْر دَّاخْلَيَّتِهَا بِاستُديوَهَات الْتِّلْفِزْيُون يَوْم 24 يُوْنْيُو1970م)، بْتِوَحُّد عَمِل الْمُعَارَضَة ضِدّهَا فِي الْخَارِج.. كَمَا تُرَكِّز وَتَكَثَّف وَسَط طُلّاب الْجَامِعَات فِي الْدَّاخِل؛ إِعْدَادْا نَفْسِيّا وذِهنيّا لَهُم بُغْيَة تَوْعِيَة وَتَعْبِئَة الْجَمَاهِيْر سِيَاسِيا لِمُقَاوَمَة الْنِّظَام الْشُّيُوعِي الْعَمِيل. إِقْرَأ مَا قَالَه د. يُوَسُف الشْويْري (صَدِيْقَه) عَن مُقَاوَمَة الْشَّرِيف لِنِظَام مَايُو الْعَسْكَرِي، مَقَالَتِه بِعُنْوَان الْدِّيِمُقْرَاطِيَّة الْثَّائِرَة.
وَتَم شِرَاء السِّلَاح وَارْسَالُه لِلْدَّاخِل بِطُرُق وَعِرَة وَخَطِيْرَة لْمُعَسْكَر الانْصَار بِالْجَزِيْرَة ابَا بِوَاسِطَة، وَسَبَق ان لَبَّى الانْصَار نِدَاء الْامَام الْهَادِي الْشَّهِيْد لِلْجِهَاد.. وَفِي رِحْلَة الْنُّمَيْرِي لِلْنَّيْل الْابْيَض حَدَث الاشْتِبَاك الْأَوَّل مَعَه وَكَان الْأَنْصَار فِي مُظَاهِرَة سِلْمِيَّة تُرْفَع مَطَالِبَهُم إِلَا ان نَميري ادَّعَى مُحَاوَلَتُهُم إِغْتِيَالِه؛ وَمَن ثُم ارْسِل جَيْشِه فِي 27 مَارَس 1970م مُتَدَفِّقَا عَلَى الْجَزِيْرَة ابَا لِيُطْلِق قَذَائِف الْهَاوَن الْثَّقِيْلَة عَلَى الابْرِيَاء هُنَاك.. كَمَا تَدَخَّلَت طَائِرَات دَوْلَة بِالْجِوَار أُحْرِقَت الْجَزِيرَة بِقَذَائِف الْمَوْت ثَلَاث لَيَال مُسْتَمِرَّة اسْتُشْهِد فِيْهَا الْآلَاف.
فِي الْعِرَاق مَع بَدْرُالدّيْن مُدَّثِّر ، عُضْو الْقِيَادَة الْقَوْمِيَّة لَحِزْب الْبَعْث الْعَرَبِي الْإِشْتِرَاكِي
وَرَئِيْس مَكْتَب الْسُّوْدَان بِالْقِيَادَة الْقَوْمِيَّة
مُصَالَحَة "جُدَّة" الَّتِي تَنَكَّر لَهَا نَميري
فِي مَطْلَع 1972م - بَدَأَت وُفُوْد الْنِّظَام تَتَوَالَى عَلَى الْشَّرِيف فِي السَّعُوْدِيَّة ، وَسِيْطَة مِن أَجْل الْمُصَالَحَة الْوَطَنِيَّة ، وَمِن أَجْل الْمَصْلَحَة الْعَامَّة. وَوَضَع الْشَّرِيف وَصَحْبِه شُرُوْطا وَاضِحَة كَالْشَّمْس ، لِعَوْدَة مِثْل هَذِه ، وَقَبِلَهَا الْوَفْد وأبَرَقَهَا لِلنُّمِيْري ؛ الَّذِي أَبْرَق مُوَافِقا ثَم اشْتَرَط الْشَّرِيف أَن يَأْتِي نَميري لَجُدَّة، لِيَتِم الِاتِّفَاق أَمَام الْمَلِك فَيْصَل ، وَيَكُوْن بِذَلِك شَاهِدَا عَلَيْه . وَأَتَى نَميري ؛ وَاجْتَمِع بِه الْشَّرِيف لِلْمَرَّة الْأُولَى فِي حَيَاتِه ، فِي حُضُوْر جَلَالِة الْمَلِك فَيْصَل ؛ وَأَبْدَى كَلَّا الْطَّرَفَيْن حُسْن الْنِّيَّة .. ثُم تَرَكَهُمَا الْمَلِك فَيْصَل لَيُنَاقِشَا وَحْدَهُمَا وَيَبْلْغَاه بِمَا اتُّفِق عَلَيْه .
وَوَافَق نَميري عَلَى إِعَادَة الْعَمَل بِالدُّسْتُوّر ، وَعَلَى كَفَالَة الْحُرِّيَّات الْعَامَّة وَاسْتِقْلَال الْقَضَاء ؛ وَوَافَق عَلَى حَق الْشَّعْب فِي أَن يُنْتَخَب مِن يُمَثِّلُه فِي نَزَاهَة وَحُرِّيَّة ، كَمَا وَافَق عَلَى إِلْغَاء التَأَمِيْمَات وَالمَصَادُرَات .
اسْتَصْدَر الْشَرَيْف مِن الْمُلْك فَيْصَل شِيْكَا بِمَبْلَغ 120 مْلْيُوْن دُوَلار ؛ هِي قِيْمَة الْتَّعْوِيْضَات .. وَسَلَّمَه لنُّمِيْري ؛ وَلَم يَعْرِف الْشَّرِيف إِلَى أَن تَوَفَّاه الْلَّه ، مَا حَدَث لِذَلِك الْشِّيْك !!!
وَالْتَزِم الْنُّمَيْرِي بِإِذَاعَتِه بِمُجَرَّد وُصُوْلِه الْخُرْطُوْم، وَلَكِن عِنْدَمَا عَاد نَميري إِلَى الْخُرْطُوْم، تُفَاجَأ الْشَّرِيف وَصَحْبِه عِنَدَمّا جَاء صَوْتَه فِي الْمِذْيَاع يَكِيْل الْقَدَح وَالذَّم وَالْسِّبَاب لِلْشَّرِيف ، وَلِمَن مَع الْشَّرِيف ؛ وَلَم يُخَيِّب نَميري ظَنِّهِم فِي الْتَّنَكُّر لِلْعَهْد وَنُقِض الْوَعْد . وَانْصَرَف الْشَّرِيف لمِعَرَكَتِه الْسَّادِسَة مَع الْنِّظَام ؛ ذَهَب لِيُجْهِز لِانْتِفَاضَة يُوَلْيُو (1976م) ، تَجْهِيْز الْعَرُوْس فِي لَيْلَة زِفَافِهَا ، وَلَقَد أَسْمَاهَا - رَحِمَه الْلَّه – "عَرُوْس الثَّوْرَات".
وَلَم يَكُن بِالإِمر الْمُسْتَغْرَب بَعْد ذَلِك نَقْض نَميري لإِتِّفاقِيّة أَدِيْس أَبَابَا الْشَّهِيْرَة الَّتِي وُقِّعَت عَام 72 وَبِرِّعَايَة الْإِمْبَرَاطُوْر الْإِثْيُوبِي "هَيْلَا سَيْلاسِي" مَع مُتَمَرِّدِي حَرَكَة الأَنَانيّا.
كَانَت اجْرَاءَات الْقَمَع وَالْقَهْر الَّتِي تَبِعَت أَحْدَاث الْجَزِيرَة أَبَا، لَم تَرْهَب الْمُعَارَضَة، بَل تَصَاعَدَت خُطُوَاتِهَا وَتَوَاصَلَت حَتَّى انْطَلَقْت حَرَكَة شَعْبَان 1973م.. حَيْث تَفَجَّرَت هَزَّة شَعْبِيَّة، يَقُوْدُهَا طُلُاب جَامِعَة الْخُرْطُوْم بِالْتَّضَامُن مَع تَنْظِيْمَات الْجَبْهَة الْوَطَنِيَّة وَشِعَارَاتِهَا تَهْتِف: "لَن تَرْتَاح ياسَّفَّاح".. وَلَمَّا تَضَامَنَت النِقَابَات مَع هَذِه، انْدَلَعَت الْمُظَاهَرَات وَالِاعْتِصَامَات؛ وَعَم التَّوَتُّر انْحَاء الْبِلَاد. وَتُوَاصِل الْغَلَيَان رَغْم اعْلَان حَالَة الْطَّوَارِئ؛ و"مُحَاكِم امِن الْدَّوْلَة وَالْإِرْهَاب الْشُّيُوعِي. ثُم ادْرِك الْنَّاس ان تَجْرِبَة الْمُقَاوَمَة الْمَدِنِيَّة - الَّتِي قُمِعَت بِالْدَّبَّابَات - لَن تَجِدِي فِي مُوَاجَهَة الْنِّظَام؛ وَتَرَسَّبْت قَنَاعَة تَامَّة عِنْد الْمُعَارَضَة، ان هَذَا الْنِّظَام الَّذِي يُوَاجِه الْنَّاس بِالْعُنْف لَابُد ان يُوَاجِه بِالْعُنْف.. وَمَا أَخَذ بِالْقُوَّة لَا يُسْتَرَد إِلَا بِالْقُوَّة.
نِضَالِه وَقِيَادَتُه "عَرُوْس الَإِنْتِفَاضَات" (يُوَلْيُو 1976م)
تَأَسَّسَت الْجَبْهَة الْوَطَنِيَّة مِن جَدِيْد مِن الْاحْزَاب الْسُودَانِيَّة الثَلاتَة: الِاتِّحَادِي الدِّيَمِوَقْرَاطِي وَحِزْب الْامَّة وَالاخْوَان الْمُسْلِمِيْن لِمُقَاوَمَة الْنِّظَام وَانْتَظَمَت اعْمَالِهَا بِالْخَارِج (بأثْيُوبيّا) فِي الْتَّدْرِيب الْعَسْكَرِي وَالاسْتِعْدَاد لِلْنُّزُوْل لَارْض الْوَطَن . وَتَنَازَل الْشَّرِيف حُسَيْن مِن رِئَاسَة الْجَبْهَة لِلْصَّادِق الْمَهْدِي وَاصِب 81; هُو نَائِبا لَه؛ وَلَكِنَّه كَان الْأَكْثَر حُضُورَا، وَالْمُمَوَّل الْرَّسْمِي لِكُل إِحْتِيَاجَات وَتَحَرُّكَات أَعْضَاء الْجَبْهَة، وَالَّتِي مَارَسَت عَمِلَهَا السِّيَاسِي بِالْخَارِج. وَتَلَقَّحْت مَنْشُوْرَات وَمُظَاهِرَات الْدَّاخِل بِالْحَدِيْث الْمُلْتَهِب مِن الْشَّرِيف الْحُسَيْن الْشَّرِيف حُسَيْن فِي اذَاعَة الْجَبْهَة الْوَطَنِيَّة بَاثْيُوبيّا –الَّذِي كَان يُتَابِعْه الْنَّاس بِالْدَاخِل بِشَغَف. وَكَان مِمَّن يُسَانِدُه فِي الْإِشْرَاف عَلَى الْمُعَسْكَرَات د. عُمَر نُوْر الْدَّائِم نَائِب رَئِيْس حِزْب الْامَّة.
إِمْتَد كِفَاح الْشَّرِيف وَصَحْبِه فِي نِضَالَهُم ضِد مَايُو بَيْن أَثْيُوبْيَا وَالْمَمْلَكَة الْعَرَبِيَّة الْسُّعُوْدِيَّة ، الَّتِى دَعِمَّتِهُم فِي أَوَائِل سِنِيْن الْنِّظَام الِمايُوي، لِلْقَضَاء عَلَى أَي تُوَجَّه شُيُوعِي بِالْسُّوْدَان. لَكِنَّهَا لَم تَكُن تُرَغِّب فِي الْإِعْلَان عَن هَذَا الْدَّعْم حَتَّي لَا يَسْتَدْعِي ذَلِك اي تُوَتِّر فِي عَلَاقَاتِهَا مَع حُكُوْمَة الْسُّوْدَان.. وَمَن ثُم بَحَثْت الْمُعَارَضَة عَن مَقَر لَهَا بُدَيْل. فَوَجَدْت عِنْد الْقِيَادَة الَلِّيَبِيَّة اسْتِقْبَالَا طَيِّبَا وَحَسُن وِفَادَة، لِأَن عَلَاقَتِهَا كَانَت سَيِّئَة مَع الْنِّظَام الْحَاكِم فِي الْسُّوْدَان.. وَوَجَدُوْا فِي لِيُبْيَا الْدَّعْم الْمَادِّي وَالْعَسْكَرِي، وَفُتِحَت لَهُم الْقِيَادَة الَلِّيَبِيَّة أَرَاضِي لِيُبَيّا، لِيَتَدَرَّب فِيْهَا مُقَاتِلُو الْجَبْهَة، الَّذِيْن انْتَقَل بَعْضُهُم مِن أَثْيُوبْيَا، وَأَنْضَم إِلَيْه أَنْصَار الْإِمَام الْهَادِي الْمَهْدِي الَّذِي أَوْصَاهُم قَبْل إِسْتِشْهَادِه بِإِتِّبَاع وَمُسَانَدَة الْشَرَيْف حُسَيْن الْهِنْدِي.
وَوُضِعَت خُطَّة مُحْكَمَة نَفَّذَها الْعَمِيد "مُحَمَّد نُوْر سَعْد" وَاسْتَطَاعَت قُوَّاتِه الْسَيْطَرَة عَلَى مُعْظَم وَحَدَات الْعَاصِمَة وَالْأَهْدَاف الْحَيَوِيَّة فِيْهَا كَالْاذَاعَة وَالْمْطَار وَدَار الْهَاتِف وَالْأَمَاكِن الْحَاكِمَة. لَكِنَّهَا لَم تَسْتَطِع تَّشْغِيْل الْإِذَاعَة أَو ايْجَاد اذَاعَة بَدِيْلَة كَمَا كَان مُخَطَّطا لِذَلِك، وَفَشِل فِي الْسَّيْطَرَة عَلَى وَحْدَة الْمُدَرَّعَات وَمُصَنِّع الْذَّخِيْرَة بِالْشَّجَرَة، وَفَشِل فِي الْسَّيْطَرَة عَلَى الْقِيَادَة الْعَامَّة لِلْجَيْش السَّوْدَانِي كَذَلِك. فَتَم دَحْرَهِا وَقَام نَميري بِّتَعْذِيْب الْمُشَارِكِيْن فِي هَذَا الْإِنْقِلاب بِصُوْرَة وَحْشِيَّة –كَتَعْذِيبُه لِلْقَائِد الْشُّجَاع دَفْع الْلَّه رَاس الْمَيِّة- وَتَنْفِيْذ الإِعْدَامَات الْجَمَاعِيَّة بِدُوْن مُحَاكَمَات وَبِدُوْن رَحْمَة.
إِقْرَأ هَذَا الِّلقَاء الْصَّحَفِي الَّذِي أَجْرَاه صُحُفِي لُبْنَانِي بَعْد أَحْدَاث حَرَكَة 2 يُوَلْيُو1976.
مُصَالَحَة بُوَرَتَّسُوُدَان الْفَاشِلَة (7-7-1977م) وَانْقِسَام الْمُعَارَضَة
عِنَدَمّا سُئِل الْشَّرِيف بَعْد فَشَل هَذِه الْمُصَالَحَة: هَل تِعْتَقِدُوْن أَن انْقِسَامَات الْقُوَى الْسِيَاسِيَة لَعِب لِغَيْر صَالِح الْمُعَارَضَة ؟ رَد قَائِلا: إِنْقِسَامَات الْمُعَارَضَة .. إِنْقِسَامَات زَعامِيّة وَلَيْسَت شَعْبِيَّة . فَالرَّأْي الْعَام السَّوْدَانِي وَالْشَّعْب السَّوْدَانِي كُلِّه مُعَارِض؛ مُهِمَّا كَانَت خَلْفِيَاتِه الْسِّيَاسِيَّة ، وَأَيّا كَان مُدَّعُو زَعَامَتِه . وَإِن كَانَت الانْقِسَامَات أَثَّرَت عَلَى الْسَّطْح وَعَلَى الَّذِيْن يَقِيْسُوْن الانْقِسَام بِالْأَشْخَاص، فَهِي لَم تُؤْثِر عَلَى الْعُمْق إِطْلاقَا . وَنَفْس الَّذِيْن قَاتَلُوا مِن أَجْل يُوَلْيُو ضِد الْنِّظَام ، سَيُقَاتُلُون الْآَن ضِدَّه بِنَفْس الشَّرَاسَة؛ مُهِمَّا حُدِّثْت مِن انْقِسَامَات . فَمُدَّعَو الْزَّعَامَة أَو الْوِرَاثَة مَعْزُولُون شَعْبِيّا .. وَوُقُوْفِهِم مَع الْنِّظَام لَا يَكْسِبُه قُوَّة ، إِنَّمَا يُكْسِبُهُم ضَعُف.
إِتِّفَاقِيَّة مُصَالَحَة لَنْدَن.. "الْحَق الَّذِي أُرِيْد بِه بَاطِل" 1979م
الدُّكْتُوْر عُمَر مُحَمَّد الْطَيِّب الَّذِي كَان نَائِبا لِلْرَّئِيْس الْمَخْلُوْع نَميري كُتِب مَقَالَا يَوْم الْسَّبْت الْمُوَافِق 16 مَايُو 1998م فِي وَاحِدَة مِن صُحُف الْخُرْطُوْم ذِكْر فِيْه عَلَاقَة جَدِّه لِأُمِّه الْحَاج اسْمَاعِيْل السْرُوَرَابِي بِأَسِرَّة الْشَّرِيف يُوَسُف الْهِنْدِي الَّذِي كَان يُنَادِيِه "بِخَالِي".. وَمِن هُنَا كَانَت هَذِه الْعَلَاقَة سَبَبا فِي مُبَادَرَتَه الْشَّخْصِيَّة لِاتِّفَاقِيَّة الْمُصَالَحَة فِي لَنْدَن بَيْن نِظَام الْمَخْلُوْع نَميري و الْشَرَيْف حُسَيْن الَّذِي وَصَفَهَا بـ "الْحَق الَّذِي ارِيْد بِه بَاطِل" فِي مُذَكَّرَاتِه بِعُنْوَان: "لْوَطَنِي وَلِلِتَّارِيْخ".. رَاجِع مَقَال د. عُمَر فِي الْرَّابِطَة اعْلَاه.
فِي نَدْوَة أُقِيْمَت بِلَنْدَن نَظَمَهَا طُلُاب الْحِزْب الإتِّحَادِي الْدِّيْمُقْرَاطِي
حُجَّة وَدَاعِه وقَرآتَه الْمَوْلِد بِالْمَدِيْنَة الْمُنَوَّرَة
بِنِهَايَة عَام 1981ه كَان الْشَّرِيف قَد أَدَّى فَرِيْضَة حُجَّة وَدَاعِه الاخِيْرَة وَعَلَى الْرَّغْم مِن ظُرُوْفِه الْسِّيَاسِيَّة وَالْصِحِّيَّة؛ زَار الْمَدِيْنَة الْمُنَوَّرَة وَأَقَام بِهَا مُدَّة شَهْر- أَطْوَل هَذِه الْمَرَّة مِمَّا اعْتَاد عَلَيْه - وَتُلِى فُصُوْلِا مِن كِتَاب "حَسَن الْخِتَام فِي مَوْلِد سَيِّد الْأَنَام ".. تَأْلِيْف وَالِدِه الْشَّرِيف يُوَسُف الْهِنْدِي (رَحِمَهُم الْلَّه) فِي جَمْع مِن أَحْبَاب بَيْتِهِم وَمُرَيْدِي طَرِيْقِهِم الْدِّيْنِيَّة الصُّوْفِيَّة تَبَرَّكَا وَاحْتِفَالِا يَّوْمَذَاك بِذِكْرَى مَوْلِد جَدِّه الْمُصْطَفَى (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم).. يُمْكِن الاسْتِمَاع إِلَيْه هُنَا وَهُو يَتْلُوْه ( ) .
إِقْرَأ بَرْنَامِجَه الاقْتِصَادِي لِلْإِنْقَاذ الْوَطَنِي.
سَفَرِه لِمُؤْتَمَر اثِيْنا وَوَفَاتِه هُنَاك 9 يَنَايِر 1982م
كَان الْحِزْب الِاتِّحَادِي الدِّيَمِوَقْرَاطِي يَعْقِد مُؤْتَمِرَا تَارِيْخِيَّا فِي إِحْدَى جُزُر الْيُوْنَان ، وَهُو أَكْبَر مُلْتَقَى لِلِاتِّحادِيِّين ضَم شَمْلَهُم قِيَادَة وَشَبَابا وَطَلَابَا ، مُنْذ أَن انْفَض سَامِر الْدِيِمُوقْرَاطِيَّة فِي صَبِيّحَة 25 مَايُو 1969م الْمَشْؤُوم ؛ وَكَان مِن الْمُقَرَّر أَن يُخَاطِب "الْشَّهِيْد الْبَطَل" هَذَا الْمُؤْتَمَر فِي جِلْسَتِه الْخِتَامِيَّة ، وَعِنْد عَوْدَتِه.. فِي طَرِيْقِه لِلْمُؤْتَمَر مِن مَدِيْنَة الْرَّسُوْل (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم) ، أُصِيْب "بِالْذُّبَحَة الْقَلْبِيَة" فِي مَدِيْنَة جَدَّة ، وَلَزِم غُرْفَة "الْعِنَايَة الْطَّبِّيَّة الْفَائِقَة" فِي مُسْتَشْفَى جُدَّة الْوَطَنِي، وَتَسَتَّر الْمُرَافِقُوْن - بِتَوْجِيْه مِنْه - عَلَى هَذَا الْحَدَث حَتَّى عُوْفِي وَأَصَّر – فِيْمَا عَلِمْنَا - عَلَى مُقَابَلَة الاميُرفَهّد بْن عَبْد الْعَزِيْز (كَان يَوْمُهَا وَلِيّا لِلْعَهْد), وَهُو عَلَى مَوْعِد مَعَه بِالْرِّيَاض؛ كَمَا كَان عَلَى مَوْعِد آَخَر أَيْضا (مَع الْمَلِك حُسَيْن فِي عَمَّان) أَوْفَى بِلِقَائِه فِيْهَا قَبْل الْذَّهَاب إِلَى الْيُونَان الَّتِي كَان مْطَارِهَا مُغْلَقَا بِسَبَب إِضْرَاب الْعُمَّال بِه، فَنَزَل بِمَكَان آَخَر وَأُسْتُغِل مُرَكَّبَا لِلْوُصُول لأَثِيْنا فَنَزَل بِفُنْدُق "الْمَلِك مِينُوس" وَطَلَب مِن مُرَافَقَه الْعُثُور عَلَى مَكَان خَالِه –وَأُسْتاذِه وَمُرَبِّيَه- الْمُتَوَاجِد بأَثِيْنا وَقْتِهَا "أَحْمَد خَيْر الْمُحَامِي".
وَخَرَج الْمَرَافِق مُلَبِّيَا طَلَب "الْشَّيْخ" .. وَمَن بَعْد خُرُوْجِه مُبَاشَرَة ، أُغْلِق الْشَّهِيْد بَاب الْحُجْرَة ، وَانْتَقَل مِن الْمَقْعَد الَّذِي كَان يَجْلِس عَلَيْه .. لِلْسَّرِيْر، لِيَقْضِي نَحْبَه هَادِئا مُطْمَئِنا ، مُرْتَاحَا فِي رَقْدَتَه الْأَخِيرَة ، وَكَأَنَّه يَغِط فِي نَوْم عَمِيْق ، وَلَيْس عَلَيْه مُظْهَر مِن مَظَاهِر الْمَوْت !! وَتِلْك كَانَت حَسَن الْخَاتِمَة. وَبَكَّتَه جُمُوْع غَفِيْرَة لَا حَصْر لَهَا وَلَا عُد سُّوَدَانِيِّين وَيُوْنَانِيِّيْن طَلَابَا وَغَيْرِهِم إِفْتَقُدُّوه وَإِحْسَانِه إِلَيْهِم,
الْصَّلاة عَلَى جُثْمَانِه الْطَّاهِر فِي ثَلَاث قَارّات وَدَفَنَه بِالْسُّوْدَان
نَعْي الْحِزْب الِاتِّحَادِي الدِّيَمِوَقْرَاطِي وَفَاة الْشَرَيْف حُسَيْن الْهِنْدِي، وَتَم تَشْيِيْع جُثْمَان الْشَّهِيْد الْطَّاهِر تَكْرِيمَا لَه فِي ثَلَاث قَارّات.. بَدْءِا بِالْيُونَان نَفْسَهَا (فِي أُوْرُبَّا)؛ مُرْوَرَا بِطَرَابُلُس عَاصِمَة الْفَاتِح مِن سِبْتَمْبِر فِي لِيُبْيَا (بْأَفْرِيقْيَا) وَالَّتِي تَمَنَّت عَلَى الْمُرَافِقِيْن بَعْد الشَلَاة عَلَيْه أَن لَّو يُدْفَن مَع الْمُجَاهِد الْعَظِيْم عُمَر الْمُخْتَار رَحِمَه الْلَّه..
وَبَعْدَهَا طَلَبْت فِي إِصْرَار بَغْدَاد عَاصِمَة الْرَّافِدَيْن بِالْعِرَاق (فِي آَسِيَا)، مُتَمَنِّيَة عَلَى الْمُرَافِقِيْن أَيْضا أَن لَّو يُدْفَن بَعْد الصَّلَاة عَلَيْه فِي كَرْبَلَاء مَع جَدِّه سُمِيَّه سَيِّد الْشُّهَدَاء الْإِمَام الْحُسَيْن إِبْن الْإِمَام عَلَي (رِضُواان الْلَّه) عَلَيْهِم؛ بَيْنَمَا عُرِضَت الْمَمْلَكَة الْعَرَبِيَّة الْسُّعُوْدِيَّة (حَفِظَهَا الْلَّه) الصَّلَاة عَلَيْه فِي الْمَسْجِد الْنَّبَوِي الْشَّرِيف، وَدَفَنَه بِالْبَقِيع مَع آَل الَيَيت الْهَاشِمِي الْأَكْبَر، قُرْب جَدِّه الْأَعْظَم ( ) .. إِذَا مَا مَا تَعَنُّت الْحَاكِم الْطَّاغِيَة الْعُتُل ذَاك الْشَّامِت الْخَالِي مِن كُل خُلْق سُوْدَانِي الْكَرِيم فِي مِثْل هَذِه الْمَوَاقِف الْإِنْسَانِيَّة الْعَصِيبَة خَاصَّة عِنْد الْمَوْت (فَلَم يَنْعِه)، نَاسِيا رَبِّه وَسَبِيْل الْأَوَّلِيْن وَالْآخِرِيْن الْمُنْتَظِرَه إِبَدَا - وَيْلَا لَه - مُهِمَّا طَال عُمُرُه وَسَاء عَمَلُه فَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَا بِالْلَّه ..
لَقَد تَم كُل الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْل ان وُوْرِي الْثَّرَى الْجُثْمَان الْطَّاهِر لِلْشَّرِيف حُسَيْن الْهِنْدِي فِي ضَرِيْح وَالِدِه الْعَارِف بِالْلَّه الْشَّرِيف يُوْسُف فِي حَيِّهِم بِضَاحِيَة بَرِّي اللامِاب بِمَدِيْنَة الْخُرْطُوْم؛ رَحِمَهُمَا الْلَّه رَحْمَة وَاسِعَة.
قَال الْشَّاعِر ابْرَاهِيْم عُمَر الْامِيْن عَلَيْه الْرَّحْمَة فِي رَثَاء الْشَرَيْف حُسَيْن الْهِنْدِي:
وَاصْعَد الَى الْخُلْد رُوْحَا طَاهِرَا عَبَقَا كَفَاك فِي الْأَرْض بَذْلِا كَنَّتُه فِيْهَا
وَان طَوَى الْجَسَد الْفَانِي الْمَنُوْن فَفِي ذِكْرَاك صَفْحَة مَجْد لَيْس يَطْوِيْهَا
مُذَكِّرَاتِه بِعُنْوَان.. "لْوَطَنِي وَلِلِتَّارِيْخ"
ذِكْرِنَا اعْلَاه فِي الْتَّنْوِيْه وَالْإِشَادَة بِعَطَاء الْبرُوْفْسِيّر د. يُوَسُف الشْويْري (جَزَاه الْلَّه خَيْرَا) حِيْن اعِد مِسْوَدَّات هَذِه الْمُذَكِّرَات الْتَّارِيْخِيَّة الْقَيِّمَة وَفَاء لِصَاحِبِه وَصَاحِبُهَا حُسَيْن الْهِنْدِي – رَحِمَه الْلَّه – رُّبَمَا كَان يَأْمَل طَبْعِهَا وَنَشْرِهَا آنذُك او قَرِيْبا مِنْه وَلَكِن حَالَت ظُرُوْف شَخْصِيَّة وَمَادِّيَّة عِدَّة.. دُوْن ذَلِك. الْأَمْر الَّذِي قَعَد بِمَا هُو مَطْلُوْب عَن الْتَّنْفِيْذ رَدْحَا طَوَيْلَا وَلَعَل فِي كُل تَأَخِيْرة خِيَرَة كَمَا يَقُوْلُوْن! إِذ الْيَوْم الْتَّفْكِيْر جَار فِي سِلْسِلَة فُصُوْل هَذِه الْمُذَكِّرَات فِي مَوْقِعَنَا هَذَا عَلَى نِطَاق الْنَّشْر الْعَالَمِي الْأَكْبَر (الْإِنْتَرْنِت).. وَرُبَّمَا لِحِكْمَة الْخِيَرَة فِي نَشْرِهَا دُوَلِيّا كَمَنَت فِي تَأْخِيْرِه زَمَنَا طَوِيْلَا .. اوَلَعَلَهَا هَكَذَا أَرَادَهَا الْلَّه تَعَالَى.
وَسَيَجِد الْقَارِئ الْكَرِيْم بِدَايَّة فَهْرَسَة كِتَاب "لْوَطَنِي وَلِلِتَّارِيْخ".. وَمُذَكْرَات الْشَرَيْف حُسَيْن الْجُزْء الْأَوَّل (الْهَارِب)، وَبِرَغْم ماقَمْنا بِه مِن إِقْتِبَاسَات كَثِيْرَة مِنْهَا فِي الْمَوْقِع الْيَوْم عَلَى امَل نَشَرَهَا قَرِيْبا - مَطْبُوْعَة اوَمُسِلْسِلّة هُنَا - بَعْد ان تَوَفَّرَت بَعْض الْوَسْائِل الْلَّازِمَة بِحَمْد الْلَّه لِذَلِك.. او غَاب قَوْسَيْن بِالْأَحْرَى؛ فَلَك الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى .. أَخَانَا يُوَسُف مَع خَالِص الْتَّحِيَّات.
فِكْرَه السِّيَاسِي وَمَبَادِئِه فِي أَقْوَالِه.
هَؤُلَاء قَالُوْا عَنْه
هُنَاك عَدَد مِن الْشُّعَرَاء الْسِيَاسِيِّيْن الْفُحُول، مِن رِّثُوْا الْشَّرِيف الْحُسَيْن رِثَاء حَارّا، يَنَم عَمَّا فِي صُدُوْرِهِم مِن حُب وَطَنِي عَمِيْق لَه؛ نَذْكُر مِنْهُم الْشَّاعِر الْقَوْمِي الْأَمِيْن حَامِد شَاعِر السْقَاي؛ وَالْشَّاعِر الْشَّعْبِي الْمُهَذَّب الْحَافِظ لِلْمَسَافَة بَيْنَه وَالْمَغْفُوْر لَه اسْتَاذِنَا الْبرُوفُسر د. عَبْد الْلَّه الْطَّيِّب.. ذَلِك أَن إِسْمِه الثُّنَائِي كُإِسْمِه بِالضَّبْط؛ وَمَن ثُم كَتَب شَاعِرُنَا وَرَاء أَسْمُه عَبْد الْلَّه الْطَّيِّب (غَيْر الدُّكْتُوْر).. فَيَا لَه مِن تَهْذِيْب!
كَمَا كُتِب عَنْه كِبَار الْكِتَاب الْسُّوْدَانِيِّيْن وَالْعَرَب.
"إِن الْرِّجَال وَالْأَنْفُس وَالْأَرْوَاح كُلَّهَا ذَاهِبَة، وَتَبْقَى الْأَرْض،
وَيَبْقَى الْوَطَن، وَيَبْقَى الْشَّعْب، وَيَبْقَى الْتَّارِيْخ"

كُل مَا سَبَق مَنْقُوْل مِن مَوْقِع الْشَّرِيف الْهِنْدِي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق