Powered By Blogger

الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

عبد الكريم الكابلي


 
نبذه عن الكابلى ::
عبد الكريم عبد العزيز محمد الكابلي شاعر وملحن ومطرب وباحث في التراث الشعبي السوداني. ظهرت موهبته الصوتية الغنائية وهو بالمرحلة الدراسية المتوسطة بمسقط رأسه مدينة (الثغر) بورت سودان. وجاء على لسان أستاذه ضرار صالح ضرار بأنه أثناء أداء التلاميذ للأناشيد المدرسية كان يسمع صوتا نديا لأحد التلاميذ من خلفه وعندما يلتفت ليتحقق من مصدر الصوت يتوقف صاحب الصوت عن الغناء إلى أن تمكن من إلقاء القبض على ذلك الصوت الرخيم فأضافه إلى مجموعة الأناشيد. كان الصوت للكابلي. وفي تلك الفترة أجاد الكابلي العزف على آلة (الصفّارة) وهي من آلات النفخ البسيطة وقد أهلته إجادته للعزف عليها أن أصبح فقرة لازمة في كل منشط تقوم به المدرسة. وفي السنة الأخيرة من تلك المرحلة تعلم العزف على آلة العود. ثم التحق بكلية التجارة الثانوية الصغرى بأم درمان وواصل العزف والغناء مقلدا لكبار أهل الطرب والغناء في ذلك الوقت. كان يغني لزملائه وأصدقائه فقط. وبعد تخرجه إلتحق بالمصلحة القضائية في وظيفة كتابية وواصل العزف والغناء للأصدقاء حتى تمكن من وضع الكلمات والألحان لأغنيته الأولى وهي بعنوان (يا زاهية) وقد أهداها للفنان القدير عبد العزيز محمد داؤود الذي تغنى بها.
لقد اتصل غناء الكابلي للجماهير بزيارة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر للسودان في العام 1960 م عندما وضع الكابلي الألحان لقصيدة الشاعر السوداني تاج السر الحسن (أنشودة لآسيا وأفريقيا) وهي تمجيد لظهور حركة عدم الإنحياز ومؤتمر (باندونق) بأندونيسيا. وفي نفس العام جاءت أولى محاضراته عن الغناء الشعبي السوداني بمدرسة المؤتمر الثانوية العليا.
مع مطلع الستينات من القرن العشرين بدأت زيارات الكابلي إلى البلاد العربية والأوروبية وغيرها كما تواصلت محاضراته في دور العلم والمعاهد والمنتديات الثقافية داخل وخارج السودان في أمور الثقافة والتراث الشعبي السوداني هذا إلى جانب تأليفه للشعر العربي فصيحه ودارجه ووضع الألحان لأشعاره وأشعار الآخرين.
خاطب الكابلي في غنائه العديد من جوانب الحياة التي تتصل في خصوصيتها بالسودان وفي عموميتها بالمباديء الإنسانية الخيرة. غنى لأهمية نهضة المرأة وللأطفال الذين يقتلون في مناطق عديدة من هذا العالم وغنى لمناوأة الحروب وأسلحة الدمار ولمواجهة نفاق السياسة وسماسرتها كما غنى لأهمية الحفاظ على البيئة وكان وما زال الغالب على غنائه الغناء للحب والجمال. ولم يقف النشاط الابداعى للكابلى عند الشعر والغناء إذ شارك بالعديد من الإطروحات المكتوبة بالمؤتمرات الندوات الفنية الثقافية باللغنين العربية والانجليزية الى جانب المقالات ذوات المواضيع المتنوعة والتى يتم نشرها بالصحف من وقت لآخر.
ويرى الكابلى ان الفنون الخيرة على إختلاف ألوانها هى الروافد الفاعلة المؤثرة التى تثرى وجدان الثقافة. أما الثقافة التى يعترف بها الكابلى فهى الناتج الأخلاقى للمعرفة وبالضرورة , وما عدا ذلك علم ومعرفة ودراية وفهم ودراسة تقصر جميعها عن المدلول الإنطباعى للثقافة وهو التشذيب والتهذيب . وفى شهر مايو من العام 2002 منحت جامعة نيالا بأقليم دارفور الفنان عبد الكريم الكابلى درجة الدكتوراة الفخرية فى ألآداب.
صفق له جمال عبد الناصر في إطلالته الغنائية الأولى وبحثت عنه أم كلثوم لتصافحه
http://www.aawsat.com/2005/12/08/images/tvradio.337292.jpg
لا بد أن تشعر بشيء من الخجل عندما تكتشف أنك تجهل وجود فنان سوداني عربي بقامة عبد الكريم الكابلي. وترتبك أكثر عندما تعرف أن صندوق الأمم المتحدة للسكان اختاره سفيرا فخريا للنوايا الحسنة، لأنه من المطالبين بحقوق المرأة منذ حصول بلاده على استقلالها في عام 1956. أن لا تعرفه فهذا تقصير منك لأن الكابلي «زول سمح»، أي رجل أخلاقه سمحة، كما يؤكد أي سوداني تلتقيه. وهو فنان المثقفين وشاعر يروض المقفى من الأبيات، وموسيقي عريق عزفا وتلحينا. ولد بهذه المواصفات الفنية وتدرج في مراتبها تلقائيا، كما قال لـ«الشرق الأوسط» خلال رحلة جوية بين ولاية جنوب دارفور والخرطوم. مضيفا أن الفن لم يكن موجودا في بيئته الطفولية، ونشأته من جذور لعائلة أبيه تعود الى مدينة كابل الأفغانية، ومن جذور تعود الى جبل مرة في دارفور لعائلة أمه. الحضور الفني الوحيد استقاه من صوت الفونوغراف، يتصاعد من المقهى تحت الدار (أو السراي) كما يطيب له أن يلقبها، في مدينة «مساكن»، التي يعود تاريخها الى نحو عشرة آلاف عام، ويحمل إليه أصوات رواد بلاده وأنغامهم، ومنهم سيد خليفة وحسن عطية وأحمد المصطفى وإبراهيم الكاشف وعثمان حسين والتاج مصطفى وغيرهم، إضافة الى محمد عبد الوهاب وأم كلثوم. اكتشف مواهبه في فترة الدراسة، فأدرك أنه محب للشعر بفضل ما تضمنته مادة اللغة العربية في المنهج التعليمي القديم. آنذاك سلبت المعلقات وجدانه. وفي المرحلة المتوسطة اكتشف أن أذنه موسيقية فدخلت الأنغام على الخط من خلال آلة الصفارة، وهي مزمار صغير. بعد ذلك استقطبه العود فتلمذ نفسه بنفسه ليتعلم العزف متأثرا بمن سبقه من الكبار، لا سيما الراحل فريد الأطرش. وبالطبع حظي بفقرة ثابتة في احتفالات المدرسة على مدار سنوات تحصيله. لكن هذه المواهب لم تحرف مسيرة الكابلي المهنية، فدرس التجارة، ثم توظف في وزارة العدل كاتبا قضائيا حتى بلغ سن التقاعد، ليتابع على خط موازٍ غرامه الأدبي على طريقته بين الأهل والأصحاب في محيط ضيق. وعلى طريقته اكتشف أيضا اهتمامه بالتراث الشعبي السوداني، فبدأ دراسته وتعمق فيها، وسرعان ما أصبح يحاضر عن شؤونه وشجونه من على المنابر الأكاديمية العالمية.
أما عن دخوله العلني الى عالم الغناء فحدث ولا حرج. ذلك انه في عام 1960 وبعد مؤتمر «باندونغ»، حضر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الى السودان، وأثناء ترتيب مراسم الاحتفال بهذه المناسبة التاريخية، اقترح عليه بعض المسؤولين في وزارة الإعلام أن يغني قصيدة من شعر الدكتور تاج السر حسن تحمل عنوان «آسيا وأفريقيا» وتتناول حركة عدم الانحياز وتفاؤل دول العالم الثالث بظهورها. رفض في بادئ الأمر مكتفيا بتلحينها، لكنه جوبه بإصرار المسؤولين لثقتهم أن لا أحد غيره يتميز بقدرة على النطق السليم ولمعرفتهم أنه مسكون بعبد الناصر، وبالتالي لن يجد مناسبة أسمى من هذه ليطل للمرة الأولى على الجماهير.
اقتنع عبد الكريم الكابلي ووقف في حضرة عبد الناصر وكبار الضيوف. فتح فمه لينشد البيت الأول من القصيدة، لم يخرج أي صوت من حنجرته. استجمع إرادته، محذرا نفسه من الفشل وأعاد الكرة.. وانطلق بالغناء منشدا «عندما أعزف يا قلبي الأناشيد القديمة/ ويطل الفجر في قلبي على أجنح غيمة/ سأغني وأغني آخر المقطع للأرض الحميمة...»، وأخذته الأبيات والأنغام حتى انتهى فغادر المسرح على وقع التصفيق من دون تحية، ربما لأنه لم يكن قد تعود على بروتوكولات الحفلات.
المحطة الثانية التي يستعيدها الكابلي هي غناؤه في حضرة الراحلة الكبيرة السيدة أم كلثوم، التي زارت السودان لإحياء حفلتين موسيقيتين في إطار جولة لدعم المجهود الحربي المصري بعد نكسة 1967. آنذاك رفض الكابلي حضور أي من الحفلتين وقال لأصدقائه «لن أستمع الى أم كلثوم قبل أن تستمع هي إليّ». وهكذا كان. اختار آنذاك قصيدة أبي فراس الحمداني «أراك عصي الدمع»، بعد أن لحنها وفقا للسلم الخماسي المعتمد في الألحان السودانية. أدى القصيدة التي سبق لأم كلثوم أن برعت في غنائها، وعندما انتهى هم بالانصراف كعادته ليفاجأ بسيدة الغناء العربي تبحث عنه لتصافحه وتشجعه وتبدي إعجابها بأدائه. لكنه تعرض للنقد، إذ اعتبر البعض أنه يبحث عن التحدي والمنافسة. ولكنه لم يتوقف كثيرا عند هذا الأمر. وبعد فترة لحن قصيدتي «الجندول» و«كليوباترا» على طريقته.
لم يأسر الكابلي نفسه بالقصائد العصماء وإن كان من رواد من غنوا لأبي الطيب المتنبي والبحتري وعباس محمود العقاد، فراح الى الغناء الشعبي، وبرقيّ فني قل نظيره، ليستولي على مشاعر السودانيين بأغنيات ما زالوا يرددونها منذ حوالي نصف قرن ويصعب على من يسمعها، مهما كانت جنسيته، عربية أو أعجمية، أن يمنع نفسه من الرقص رافعا يده الى الأعلى ملوحا بسلام سوداني خالص.. «سكر.. سكر» و«أمير» و«يا جار» وغيرها الكثير الكثير.
والسر في هذا الفنان أنه لا يبحث عن الجماهيرية والمنافسة، ولم يسع الى احتلال مكانة بارزة تحت الأضواء. كان وما يزال يحب الشعر، يكتبه بمعزل عن الغناء، كما يكتب المقالات بقلم أهيف يليق به كأديب وموسوعي. وما زال مدمنا التلحين والغناء بتلقائية بكر. لا يعتمد مقولة «الجمهور عاوز كده» لأنه لا يتعاطى في الأصل مع مفهوم «الجمهور» وإنما مع مفهوم «المتلقي». يحترم هذا «المتلقي» ويحمل همومه. يغني منتقدا إرغام الفتاة على الزواج بغير إرادتها أو إشعال الفتن والحروب وقتل الأطفال فقط تلبية لمطامع السلطة والنفوذ، تماما كما يحاضر عن الفن الشعبي التراثي وعن كرامة الإنسان أينما كان. يحرص على تضمين أغنياته جوانب الحياة التي تتصل بالسودان في خصوصيتها وبالمبادئ الإنسانية في عموميتها. يقول «لا أنتمي الى أي حزب ولا أحب السياسة. لدي حس قومي، وأغني للمبادئ وأنتقد السلطة». ولا يفهم الفن بعيدا عن الالتزام، معتبرا أن الحالة الراهنة للغناء تعكس انعدام الالتزام في حياة الفرد العربي، انطلاقا من أن الفن تعبير صادق للحياة، وعندما يتدنى مستوى الأمم ينحدر مستوى الفن لدى شعوبها، التي صارت تسمع بأقدامها وليس بآذانها.
لم يحاول أن يخرج من الموسيقى السودانية، أراد طوعا وبإصرار البقاء في دائرتها وتطويرها من دون أن يفقدها غناها وخصوصيتها. لماذا؟ يجيب «الأمر مرتبط بصدق الإحساس. هذا ما أحسه. ولا أريد أن أطلع من الإطار الأساسي الخماسي، مع التأكيد أن الإنسان لا يستطيع أن يسد أذنيه لثقافات العالم الموسيقية، لذا يأتي التجديد ضمن هذا الإطار، وقد سعيت في ألحاني الى تلطيف السلم الخماسي بعدما خبزت الموسيقى في فرن روحي».
وهذه العبارات ليست مفتعلة في قاموس الشاعر الفنان. هكذا هو. أصغر الأشياء وأتفهها قد تنقلب لديه الى رؤية فلسفية بليغة، كما حصل عندما شاهد تفاحة مرمية على أرض الغرفة في منزله. التفاحة صارت قصيدة مؤلفة من 106 أبيات، عنوانها «أصل الداء» ومضمونها ينطلق من الخطيئة الأزلية والغيرة والجريمة وعلاقة الرجل والمرأة بإشكالياتها الفلسفية والإنسانية. مرة ثانية: لماذا؟ يجيب «لأن عقلي يرهقني»
منقولة من موقع نخبة السودان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق